كرة القدم كوسيلة للترويج السياحي في المغرب: استراتيجية المكتب المغربي للسياحة نحو مونديال 2030
يعمل المغرب على تعزيز مكانته كوجهة سياحية عالمية عبر استغلال الشعبية المتزايدة لكرة القدم، وذلك في إطار خطة تسويقية أطلقها المكتب المغربي للسياحة بالتعاون مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. تأتي هذه الاستراتيجية في سياق استعدادات المملكة لاستضافة مونديال 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، وتهدف إلى جذب 17 مليون سائح وتحقيق إيرادات تصل إلى 120 مليار درهم بحلول عام 2026.
1. كرة القدم: أداة جديدة للترويج السياحيد
1.1. من الإنجازات الكروية إلى الترويج السياحي
أصبحت كرة القدم المغربية في السنوات الأخيرة قوة عالمية، خاصة بعد الأداء التاريخي للمنتخب الوطني في مونديال قطر 2022، حيث تمكن "أسود الأطلس" من الوصول إلى نصف النهائي كأول فريق إفريقي وعربي يحقق هذا الإنجاز. وقد أدى هذا النجاح إلى زيادة التفاعل مع المحتوى الرقمي المرتبط بالمغرب، حيث تجاوزت التفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي 130 مليون تفاعل، مما عزز صورة المغرب كوجهة سياحية وكروية على حد سواء.
![]() |
المغرب رابع منتخب في كأس العالم 2022 |
1.2. خطة تسويقية تستغل زخم كرة القدم
على هامش المنتدى السنوي لكبار منظمي الأسفار والرحلات الفرنسيين الذي عقد في الرباط، أعلن المكتب المغربي للسياحة عن إطلاق خطة تسويقية دولية تعتمد على كرة القدم كأداة رئيسية لترويج السياحة في المغرب. وتسعى هذه الخطة إلى استثمار الشعبية المتزايدة للمنتخب الوطني والتغطية الإعلامية الواسعة التي يحظى بها المغرب في المحافل الرياضية العالمية.
2. اتفاقية استراتيجية بين المكتب المغربي للسياحة والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم
2.1. تعزيز الإشعاع السياحي عبر الشراكة مع الجامعة
في عام 2023، وقع عادل الفقير، المدير العام للمكتب المغربي للسياحة، اتفاقية مع فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، تهدف إلى دمج كرة القدم في الحملات الترويجية السياحية للمغرب. ومن خلال هذه الاتفاقية، يلتزم المكتب المغربي للسياحة بمواكبة الجامعة في حملاتها الدولية، مما يسمح بتعزيز التواصل حول السياحة الرياضية في المغرب.
2.2. الأهداف الرئيسية للاتفاقية
- دمج كرة القدم في الحملات التسويقية السياحية لتعزيز جاذبية المغرب على المستوى العالمي.
- الترويج للمغرب كوجهة رئيسية للسياحة الرياضية، عبر استضافة مباريات ودية دولية، ومعسكرات تدريبية، وأحداث رياضية كبرى.
- الاستفادة من شعبية كرة القدم المغربية، خاصة مع النجوم المغاربة المحترفين في الدوريات الأوروبية، للتسويق لصورة المغرب عالميًا.
![]() |
صور للاعبي المنتخب المغربي |
3. التأثير المتوقع على قطاع السياحة المغربي
3.1. جذب سياح من جنسيات جديدة
يرى الخبراء أن هذه الخطة ستساعد في تنويع الأسواق السياحية التي يعتمد عليها المغرب، حيث ستتيح جذب سياح من جنسيات مختلفة عن التقليدية (مثل فرنسا وإسبانيا). ومن المتوقع أن يشهد المغرب زيادة في عدد السياح القادمين من الدول الإفريقية، الآسيوية، وأمريكا اللاتينية، وهي أسواق بدأت تهتم أكثر بالسياحة الرياضية.
![]() |
تنوع الأسواق السياحية بالمغرب |
3.2. تعافي قطاع السياحة بعد أزمة كورونا
تعرض قطاع السياحة في المغرب، كما هو الحال في باقي دول العالم، لضربة قوية بسبب جائحة كورونا، مما أدى إلى ركود اقتصادي وتأثير سلبي على القطاعات المرتبطة به، مثل النقل والإقامة والمطاعم. ومن خلال هذه الاستراتيجية، يمكن لكرة القدم أن تكون أحد العوامل الرئيسية في إنعاش السياحة المغربية، بفضل تدفق أعداد كبيرة من المشجعين وعشاق كرة القدم.
4. التجارب الدولية الناجحة: كرة القدم كمحرك اقتصادي وسياحي
4.1. تجربة جنوب إفريقيا مع مونديال 2010
يعتبر مونديال 2010 في جنوب إفريقيا مثالًا ناجحًا على كيفية استفادة دولة من استضافة حدث رياضي عالمي لتطوير قطاعها السياحي. فقد ساهمت البطولة في:
- ارتفاع عدد السياح بنسبة 20% خلال سنة واحدة.
- استقطاب استثمارات ضخمة في البنية التحتية السياحية والفندقية.
- تعزيز مكانة البلاد كوجهة رياضية عالمية.
4.2. الدروس المستفادة للمغرب
يمكن للمغرب أن يستفيد من هذه التجربة عبر:
- تحسين البنية التحتية، خاصة المطارات، الفنادق، والمواصلات.
![]() |
تحسين المواصلات بشتى أنواعها |
- تعزيز العروض السياحية المرتبطة بالرياضة، مثل الجولات في الملاعب، والمتاحف الرياضية.
- الترويج لثقافته وتاريخه عبر كرة القدم، وهو ما يمكن أن يعزز جاذبية المملكة سياحيًا.
5. التحديات التي تواجه الخطة السياحية الكروية
5.1. الحاجة إلى تطوير البنية التحتية
إذا كان المغرب يسعى إلى الاستفادة القصوى من مونديال 2030، فعليه أن يركز على تطوير بنيته التحتية، لا سيما:
- تحسين الملاعب الرياضية وفق المعايير الدولية.
- تعزيز شبكة النقل الجوي والبري لتسهيل وصول الجماهير الأجنبية.
- رفع جودة الخدمات السياحية والفندقية لمواكبة الطلب المتزايد.
5.2. ضمان استدامة التأثير السياحي بعد البطولة
التحدي الأكبر الذي يواجه أي دولة تستضيف حدثًا رياضيًا كبيرًا هو ضمان استمرارية التدفق السياحي بعد نهاية البطولة. لذلك، يجب على المغرب أن يطور استراتيجيات طويلة المدى، مثل:
- تنظيم بطولات كروية سنوية تجذب الزوار.
- الاستفادة من الأندية المغربية لتعزيز السياحة الكروية، مثل الوداد والرجاء ونهضة بركان.
- الترويج للسياحة الرياضية عبر منصات التواصل الاجتماعي والتسويق الرقمي.
خاتمة:
مونديال 2030 كمحفز للنمو السياحي في المغرب
يراهن المغرب على استضافة مونديال 2030 كفرصة تاريخية لتعزيز اقتصاده، وخاصة في مجال السياحة. ومن خلال الدمج بين كرة القدم والترويج السياحي، يمكن للمملكة أن تحقق طفرة نوعية في استقطاب السياح والاستثمارات. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الرؤية يتطلب استثمارات مستدامة في البنية التحتية، وتطوير استراتيجيات تسويقية قوية، وتعزيز جودة الخدمات السياحية.
إذا تم تنفيذ هذه الخطة بفعالية، فمن المحتمل أن يشهد المغرب نهضة سياحية غير مسبوقة، قد تستمر لعقود بعد انتهاء كأس العالم، مما يعزز مكانته كوجهة رياضية وسياحية رائدة على الساحة الدولية.
تتبعت الكرة المغربية والمنتخب المغربي فريق ممتع ورائع.
ردحذف